جايلان تتبع وصفة الغرور.. وتحجز مقعدها في الصف الخلفي للنجاح

هبة بريس-إ.السملالي

تُظهر الساحة الفنية في الآونة الأخيرة ظاهرة لافتة، تتمثل في تحوّل بعض الفنانين الصاعدين من حالة الامتنان للإعلام إلى القطيعة معه بمجرد تحقيقهم شهرة أولية. ظاهرة تطرح أسئلة عميقة حول مفهوم النجاح في الوسط الفني، والعلاقة بين الموهبة الحقيقية وصورة “النجم” في المخيلة المعاصرة.

الإعلام، بصفته الواجهة التي تتيح للفنان الوصول إلى الجمهور، كان وما زال الشريك الأول في صناعة الاسم الفني. أسماء مثل دعاء اليحياوي وغيرها تمكّنت من الوصول إلى الواجهة بفضل تغطيات إعلامية موسعة، لكنهما اختارتا لاحقاً الانسحاب من هذه الحلقة الطبيعية من التفاعل، بشكل يعكس ولو ضمنياً إحساساً بالاستغناء عن تلك المنصة.

اليوم، نرى الفنانة جايلان تسلك المسار ذاته، إذ امتنعت عن إجراء أي لقاء صحفي قبل حفلها، من دون تقديم تفسير أو تبرير، في خطوة تفتح النقاش حول فهم بعض الفنانين لدور الإعلام في ترسيخ حضورهم الفني. المفارقة أن جايلان، قبل أن يبدأ مسارها الفني، ظهرت لأول مرة على شاشة التلفزيون في برنامج عبّرت فيه عن معاناتها مع نظرة المجتمع لاختياراتها الشخصية في أسلوب اللباس والستايل، وتحدّثت حينها عن الظلم الذي شعرت به بسبب الأحكام المسبقة. لكن المفاجئ أنها اليوم، وبعد أن صنعت لنفسها اسماً، تبدو وكأنها تبنّت تلك النظرة نفسها، لكن هذه المرة بنكهة الغرور والاستعلاء.

عند المقارنة، نجد أن كبار الفنانين وأصحاب التجارب العريقة لم يتعاملوا يوماً مع الإعلام بمنطق الاستعلاء، بل ظلوا يدركون أن النجاح الحقيقي يتغذى على علاقة متوازنة بين الإبداع والتواصل. هؤلاء لم يطرق الغرور بابهم، لأن مسارهم لم يكن مبنياً على موجة مؤقتة، بل على رصيد متين من العمل والموهبة.

الغرور هنا لا يعكس بالضرورة قوة أو تميزاً، بل يكشف في العمق عن هشاشة التجربة الفنية. فالفنان الذي يظن أن التكبر يمنحه هالة خاصة، يغفل أن هذه الهالة قد تكون مجرد ضباب كثيف، ينقشع مع أول هبوب لرياح النقد أو تبدّل ذائقة الجمهور. إن الاستمرارية في الفن لا تصنعها المواقف الاستعلائية، بل الموهبة الصادقة والانفتاح على التفاعل مع الجمهور ووسائطه.

بهذا المعنى، يبدو الغرور في مسار الفنان الصاعد أشبه بطلاء لامع على جدار هش؛ يخطف الأنظار في البداية، لكنه ينهار مع أول اختبار حقيقي، ليبقى السؤال الأهم: أيهما أمتن بناء الشهرة على الموهبة، أم على وهج زائل تغذيه قطيعة مع من صنع الضوء الأول؟



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى