
الوكيل العام الشافعي يكشف تحديات الذكاء الاصطناعي في القضاء والأمن
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
في إطار فعاليات الأبواب المفتوحة التي نظمتها المديرية العامة للأمن الوطني، قدم الدكتور عبد الكريم الشافعي، الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالقنيطرة، مداخلة مهمة بعنوان “الممارسة القانونية في مجال زجر الاستعمال الإجرامي لتقنيات الذكاء الاصطناعي”، تناول خلالها التحولات الرقمية المتسارعة وأثرها الكبير على مختلف المؤسسات، خصوصًا القضائية والأمنية، وأوضح أهمية الذكاء الاصطناعي كأداة أساسية للتحديث في مسارات العدالة.
– أهمية الذكاء الاصطناعي في مكافحة الجريمة
افتتح الدكتور الشافعي مداخلته بالإشارة إلى التحولات الكبيرة التي طرأت على العالم بفضل الذكاء الاصطناعي، والذي لم يعد يقتصر على المجالات التقنية والصناعية بل تعداها ليشمل مجالات حساسة مثل القضاء والأمن، وأوضح أن الذكاء الاصطناعي أصبح أداة لا غنى عنها في محاربة الجريمة المنظمة، من خلال دعمه لأجهزة إنفاذ القانون في تحليل البيانات، التنبؤ بالجرائم، وحتى تتبع وقوعها.
وأشار إلى أنه رغم الفوائد الكبيرة لهذه التقنية في تحسين الأداء القضائي والأمني، إلا أن هناك مخاطر جمة ناجمة عن الاستعمال غير القانوني لهذه التقنيات. لذلك، دعا إلى ضرورة تنظيم هذا المجال بشكل دقيق وواقعي عبر تشريعات وطنية ودولية، حتى لا يتم استخدام هذه التكنولوجيا في أغراض غير أخلاقية أو إجرامية.
– الإطار المفاهيمي للذكاء الاصطناعي
ركز الدكتور الشافعي على تقديم شرح مبسط للإطار المفاهيمي للذكاء الاصطناعي، موضحًا الفرق بينه وبين تقنية الأتمتة. وعرّف الذكاء الاصطناعي على أنه “علم وهندسة صنع آلات ذكية قادرة على محاكاة القدرات الذهنية البشرية مثل التعلم، الاستنتاج، والتفاعل”. وأكد أن الذكاء الاصطناعي لا يقتصر على أداء المهام الآلية بل يمتد إلى محاكاة القدرات العقلية للبشر، بما في ذلك اتخاذ القرارات المستقلة بناءً على التعلم والخبرة.
– المخاطر المترتبة على الاستعمال غير القانوني للذكاء الاصطناعي
انتقل الدكتور الشافعي بعد ذلك إلى تناول أبرز المخاطر المرتبطة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى عدة تهديدات قانونية وأمنية، مثل انتهاك الخصوصية عبر المراقبة الذكية، التلاعب بالمعلومات من خلال تقنيات التزييف العميق (Deepfake)، وتعزيز الهجمات السيبرانية. كما حذر من خطر التمييز والتحيز الخوارزمي الذي قد يؤدي إلى قرارات غير عادلة في مجالات مثل القضاء أو التوظيف.
وأكد أن هذه المخاطر قد تؤدي إلى أفعال إجرامية تستوجب تدخل القوانين الزجرية. وفي هذا السياق، تطرق إلى الجهود الدولية لمكافحة هذه المخاطر، بما في ذلك المبادرات القانونية والأخلاقية التي بدأها المجتمع الدولي.
– التشريعات الدولية والمحلية لتنظيم الذكاء الاصطناعي
في سياق التنظيم القانوني للذكاء الاصطناعي، أشار الدكتور الشافعي إلى تطور التشريعات الدولية، مثل “التوصية الخاصة بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي” الصادرة عن اليونسكو في 2021، والتي حددت المبادئ الأخلاقية للاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي.
كما تناول الاتفاقيات الدولية مثل “قانون الذكاء الاصطناعي للاتحاد الأوروبي” الذي يحدد قواعد صارمة لاستخدام الذكاء الاصطناعي بناءً على مستوى المخاطر.
أما على المستوى الوطني، فقد أشار إلى القوانين المغربية مثل القانون 09-08 المتعلق بحماية البيانات الشخصية، والقانون 53-05 المتعلق بتبادل المعطيات القانونية، معتبرًا أن هذه القوانين توفر حماية نسبية لكنها لا تكفي لمواكبة المخاطر المستجدة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.
– التحديات والرهانات المستقبلية
كما تطرق إلى التحديات التي تواجه الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى غياب النصوص القانونية المتكاملة لتنظيم الاستعمالات غير الأخلاقية لهذه التقنية، إضافة إلى المخاطر السيبرانية والهجمات الإلكترونية. وأكد أن هذه التحديات تستدعي تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الجرائم الإلكترونية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.
– التوصيات والمقترحات
في ختام مداخلته، قدم الدكتور عبد الكريم الشافعي مجموعة من التوصيات والمقترحات، أبرزها ضرورة إنشاء وكالة وطنية للذكاء الاصطناعي لوضع منظومة تشريعية وطنية متكاملة، وتشجيع استخدام هذه التقنيات بشكل آمن وأخلاقي. كما دعا إلى تطوير برامج تعاون دولية لمكافحة الاستعمالات الإجرامية للذكاء الاصطناعي، ووضع تأمينات إجبارية على حوادث الذكاء الاصطناعي، وضمان حوكمة فعالة للذكاء الاصطناعي في المغرب.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X