للظفر بكبش هزيل للعيد.. النظام العسكري يذل الجزائريين في طوابير طويلة

هبة بريس

أصبحت عملية توزيع أضاحي العيد المدعّمة في الجزائر تجليا فاضحا لانهيار المنظومة الاجتماعية والإدارية، حيث كشفت عن مشهد عبثي يفضح الخطاب الرسمي الفارغ الذي لا يملّ من التغني بإنجازات وهمية وشعارات جوفاء عن “الجزائر الجديدة”، بينما يعجز عن تدبير مناسبة موسمية تُفترض بساطتها.

طوابير مهينة

وفي بومرداس، اصطف المواطنون الجزائريون في طوابير مهينة تحت أشعة الشمس اللاهبة، يتدافعون بجنون خلف أسوار حديدية انهارت تحت وطأة الفوضى، من أجل خراف ضعيفة بالكاد تصلح لتكون أضاحي. ملامح الإنهاك والبؤس رسمت لوحة سريالية أقرب إلى مشاهد الكوارث الغذائية، لا إلى أجواء العيد المبارك.

وفي بلد يفاخر بثرواته الطبيعية، أصبح الوصول إلى خروف العيد معركة يومية، و “طابور الكبش” انضم إلى قائمة طويلة من طوابير الذل التي باتت سمة جزائر ما بعد تبون، حيث تتحوّل كل مناسبة إلى اختبار قاسٍ لصبر المواطن وكرامته.

المليون المزعوم من  الأكباش 

وهنا لا تُوزّع الأضاحي على مستحقيها، بل تُمنح لمن تربطهم صلات الولاء أو الجيوب الممتلئة، بينما يُترك المواطن البسيط يتسوّل حقه وسط زحام الإهانة.

السلطة التي تروّج لقرار استيراد مليون رأس من الغنم كإنجاز اقتصادي، لم تفعل سوى تأكيد عجزها وفشلها.

فالمليون المزعوم تبخر بسرعة، بينما ظلّ المواطن يطارد وهماً أمام نقاط البيع، التي تحوّلت إلى مسارح للفوضى والاحتقان الاجتماعي. المشهد اختزل الانهيار: توزيع عشوائي، غياب المعايير، خراف هزيلة، وفساد يحكم اللعبة من خلف الستار.

وأضحى خروف العيد سلعة نادرة تتطلب التسجيل المسبق، والتصريح بالدخل، وانتظار الحظ، في مفارقة مريرة تُجرد الشعيرة الدينية من معناها، وتحوّلها إلى امتحان للذلّ، بدلاً من أن تكون مناسبة للتكافل والفرح. والنتيجة: “عدالة الكبش” وفق نظام قرعة، تمنح البعض فتاتاً وتترك الآخرين لمشهد عبثي.

تهكم وسخط على تبون

على مواقع التواصل، لم يرحم الجزائريون نظامهم، ولم يستثنوا تبون من موجات التهكّم والسخط، فالرئيس الذي أراد تسجيل نقطة سياسية على حساب المغرب، وقع في فخ المقارنة المؤلمة: الرباط تعلن بجرأة تعليق شعيرة العيد احتراماً للواقع، بينما الجزائر تستورد الخراف وتوزعها في مهرجانات مذلّة، لا ينتج عنها سوى المزيد من الاحتقان والعار.

إن ما يحدث لا يمكن اختزاله في فشل بيروقراطي، بل هو انعكاس صارخ لأزمة نظام يحكم بعقلية أمنية ويجهل أبسط مفاهيم الإدارة الرشيدة. فحين يعجز هذا النظام عن تأمين خروف العيد لمواطنيه بكرامة، فكيف له أن يتحدث عن التنمية، أو يحلم بقيادة بلد بثقل الجزائر؟



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى