وزراء إعلام سابقون ضد قانون الصحافة الجديد

هبة بريس

آثار القانون الجديد لإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة بالمغرب جدلاً واسعاً في الأوساط الإعلامية والسياسية، بعدما خرج أربعة وزراء سابقين للإعلام بمواقف صريحة ينتقدون المشروع بشدة، معتبرين أنه يمثل تراجعاً خطيراً عن استقلالية الجسم الصحافي، ويكرس منطق الهيمنة والتمييز داخل المشهد الإعلامي الوطني.

أبرز المتغيرات في مشروع القانون الجديد

مشروع القانون رقم 26.25، الذي عُرض مؤخرًا على أنظار البرلمان، جاء بعدة مستجدات هيكلية وتنظيمية، من أبرزها: تقليص عدد أعضاء المجلس الوطني للصحافة من 21 إلى 19 عضواً, اعتماد آلية الانتخاب بالنسبة للصحافيين المهنيين مع فرض إلزامية التصويت، وتخصيص 3 مقاعد للنساء من أصل 7, الاستغناء عن الانتخاب في صفوف الناشرين، وتعويضه بنظام “الانتداب” من طرف منظماتهم المهنية، وفقاً لمعياري رقم المعاملات وعدد المستخدمين, استبعاد فئات كانت ممثلة في التشكيلة السابقة، مثل المحامين والنقابيين والكتاب, تعيين 3 أعضاء من مجالس دستورية (السلطة القضائية، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، المجلس الاقتصادي والاجتماعي), إحداث سجل وطني للصحافيين المهنيين، وتحديد شروط جديدة لممارسة الصحافة، تُقصي الفاعلين غير المرتبطين بمؤسسات إعلامية معترف بها.

انتقادات قوية من وزراء إعلام سابقين

ما زاد من زخم الجدل، هو خروج أربعة وزراء سابقين للإعلام، من بينهم مصطفى الخلفي ومحمد الأشعري، بانتقادات لاذعة ضد مشروع القانون، محذرين من خطورته على مستقبل حرية الصحافة والتنظيم الذاتي للمهنة.

واعتبر الوزراء السابقون أن القانون تقويض للديمقراطية المهنية من خلال فرض نظام الانتداب في صفوف الناشرين بدل الانتخاب، وهو ما يُضعف تمثيلية المقاولات الصغيرة والمتوسطة ويكرّس هيمنة الكبار.

كما اعتبر الوزراء أن القانون يخرق مبدأ تكافؤ الفرص عبر اعتماد معيار رقم المعاملات كمقياس للتمثيلية، في ضرب واضح للمساواة والمهنية, ويشكل تراجعا عن المكتسبات الدستورية التي تكرّس حرية التنظيم الذاتي واستقلالية الإعلام لافتين الى تهميش أطراف كانت تلعب دورًا توازنيًا داخل المجلس، مثل المحامين والكتاب والنقابات، مما يفقد المؤسسة تعدديتها, بالاضافة الى فرض شروط مقيدة لمزاولة مهنة الصحافة، تهدد بإقصاء الصحافيين المستقلين والمراسلين الرقميين.

وفي هذا الصدد، وصف الخلفي المشروع بـ”انتكاسة خطيرة”، فيما اعتبره الأشعري “ضرباً لاستقلالية الصحافيين وإعادة هندسة المجلس بما يخدم التوازنات السياسية لا المهنية”.

بين الإصلاح والهيمنة

رغم تبرير الحكومة لهذا القانون بأنه يأتي لـ”ضمان الشفافية والاستمرارية والاستقلالية” في تنظيم المجلس، إلا أن النقاش الذي أثاره، وخروج وزراء سابقين للإعلام ضدّه، يكشف عن انقسام عميق داخل الوسط الصحافي والمؤسساتي بشأن مستقبل التنظيم الذاتي للإعلام في المغرب.

فهل يفتح البرلمان نقاشاً معمقاً لتعديل المشروع؟ أم أن البلاد تتجه نحو مرحلة جديدة من ضبط الإعلام بقوانين تؤطر أكثر مما تحمي؟



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى