دورة “ماي”.. هل هي تسخينات مبكرة للانتخابات التشريعية؟

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

شهدت العديد من الجماعات الترابية بمختلف جهات المملكة، خلال دورة ماي، مواجهات ساخنة بين المنتخبين، بل وحتى في البرلمان بغرفتيه. هذه المواجهات التي خرج بعضها عن الأعراف السياسية، بينما انتهج البعض الآخر أسلوب “البلوكاج”، جعلت الأجواء تزداد توتراً.

و يبدو أن هذه المعركة السياسية قد تحولت إلى ما يشبه الهستيريا التي أصابت العديد من المنتخبين خلال هذه الدورة. وعلاوة على ذلك، تسربت هذه المواجهات إلى مواقع التواصل الاجتماعي، مما جعل الأمور تزداد تعقيدًا.

وفي وقت تعمل فيه الدولة جاهدة لإعادة بناء الثقة مع المواطنين، بدا أن بعض المنتخبين اختاروا أسلوبًا مغايرًا، ليس بالضرورة أن يكون معارضًا، بل كان أسلوبًا غريبًا وغير مألوف بالنسبة للمجالس المنتخبة.

– غلاء المعيشة حرك المواجهة السياسية

كان الوضع المعيشي للمغاربة، نتيجة استمرار موجة ارتفاع الأسعار، أحد المحركات الرئيسية للمواجهة بين الشارع المغربي والحكومة.

وقد تفاقم الوضع بين المعارضة والأغلبية، بل حتى داخل مكونات الأغلبية نفسها، مما جعل الجلسات البرلمانية تشهد توترات غير مسبوقة. لكن المواجهات لم تتوقف عند هذا الحد، فقد اتخذت أبعادًا أخرى تتعلق بتطورات خارجية، إذ قام حزب العدالة والتنمية بزعامة عبد الإله بنكيران بتسليط الضوء على قضية الحرب في غزة، إضافة إلى تحركات الحزب المستمرة لمناقشة الوضع المعيشي للمغاربة، وبالنظر إلى هذا السياق، يمكن القول إن هذه التفاعلات السياسية لا تخرج عن نطاق “التسخينات الانتخابية” لاستحقاقات 2026.

– مذكرة جديدة ضد “المشاغبين” في دورات المجالس الترابية

في خطوة تهدف إلى ضبط السلوكيات داخل المجالس الترابية، وجه في وقت سابق وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت مذكرة داخلية إلى الولاة والعمال، تحثهم على اتخاذ إجراءات تأديبية ضد رؤساء الجماعات والمنتخبين الذين يظهرون سلوكًا غير أخلاقي أثناء دورات المجالس الترابية. وقد أكدت مصادر مطلعة أن العديد من المستشارين على مستوى التراب الوطني قد تلقوا استفسارات من قبل العمال والولاة حول تصرفات مخالفة للقانون، شابت بعضها أعمال عنف لفظي ومعنوي وتخريب ممتلكات عامة خلال الجلسات الأخيرة. وبحسب المعلومات، تحولت بعض الاستفسارات إلى طلبات من وزارة الداخلية للقضاء الإداري بهدف عزل المعنيين بسبب إثارة الفوضى واستخدام السب والقذف والتهديد اللفظي خلال الاجتماعات داخل الجماعات الترابية.

تأتي هذه المذكرة في وقت حساس حيث من شأنها أن تحد من التصرفات العدوانية لبعض المنتخبين التي قد تصل إلى العنف الجسدي، مما يؤدي إلى تدهور الأجواء داخل المجالس ويضر بممتلكات العامة. كما أن هذه التصرفات تسهم في زيادة نفور المواطنين من المشاركة في العملية الانتخابية، وهو ما يشكل تحديًا أمام تحسين مستوى الثقة بين المواطنين ومؤسساتهم السياسية.

و تبدو دورة “ماي” هذه السنة أكثر من مجرد جلسات روتينية للمجالس الترابية؛ إنها بمثابة بداية التسخينات الانتخابية التي تحركها قضايا اقتصادية وسياسية شائكة، في وقت يتجه فيه المغرب نحو انتخابات تشريعية حاسمة في 2026، وبينما يسعى البعض لتعزيز موقعهم السياسي من خلال رفع شعارات شعبوية أو إثارة الجدل حول قضايا دولية ومحلية، يبقى المواطن هو الضحية الأكبر لهذا الصراع الذي يعصف بالمؤسسات السياسية في البلاد.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى