
تفاصيل خطبة الجمعة بالمغرب هذا اليوم.. فضل التزام الجماعة والأخذ بثوابتها
هبة بريس ـ الدار البيضاء
اختارت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تخصيص موضوع التزام الجماعة كعنوان لخطب الجمعة بمختلف مساجد المملكة المغربية لهذا الأسبوع و ذلك سيرا على برنامج خطة تسديد التبيلغ.
و حسب نص الخطبة، فمما لا يختلف عليه اثنان أن دين الإسلام دين الجماعة، ابتداءا من كلمة التوحيد التي توحد الناس، كما قال الحق سبحانه: ]إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمُ أُمَّةٗ وَٰاحِدَةٗ وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ[.
فقد ربط البارئ جل وعلا بين الأمة الواحدة وبين توحيده بالعبادة، كما هو الشأن بالنسبة للصلاة، فهي جماعية بأذانها وإقامتها وإمامتها وصلاتها وجمعتها، وغير ذلك من مظاهر الجماعة فيها.
و صيام رمضان عبادة جماعية كذلك، فلا يجوز لأحد أن يصوم قبل الجماعة أو بعدها، بل أمر النبي ﷺ الجماعة بالصيام عند رؤية الهلال والإفطار عند رؤيته، وسن ﷺ سننا جماعية في شهر الصيام من قبيل التراويح وزكاة الفطر والإكثار من نوافل الخير والإنفاق والعطاء وتذكر الفقراء عند الصيام، وأعطى النبي ﷺ أنموذجا وقدوة من نفسه، فــ”كان أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان”.
أما الزكاة فهي اجتماعية محضة، تؤخذ من أغنياء المسلمين وترد على فقرائهم، فتزكي الجميع من الشح والحقد والحسد، وتحلي الجميع بالمحبة والإيثار وحب الغير.
و قل مثل ذلك في الحج الذي يجمع أكبر عدد ممكن من المسلمين عبر ربوع العالم، ويصوغهم في قالب الإحرام موحدين بالتلبية وموحدين بالإحرام وسائر المناسك.
كما كان الإسلام دين الجماعة في توصيته بحسن الجوار وحسن المعاملة واللين في أيدي الآخرين، والأخذ والعطاء بالحسنى، والسماحة والتيسير في المعاملة، وإصلاح ذات البين، ومراعاة المحتاجين من الفقراء والمساكين والأرامل والأيتام، مما ينفي عن ديننا الحنيف الكبر والأنانية والأثرة والشح والبخل الذي يعد من أسوء العيوب، ويقطع مودات القلوب، ومنع الجود سوء ظن بالمعبود -كما يقال- ويحصل البـر بما تيسر من فعل حسن، وقول حسن، وطلاقة وجه وإمساك شر، وحسن ظن، وذكر جميل.
كل هذه من العطاء والسخاء المطلوب من المسلم باعتباره مسلما متعبدا لله تعالى بكل حركاته وسكناته، ساعيا في إسعاد نفسه وغيره، للوصول إلى الحياة الطيبة في الدنيا، والفوز بالنعيم المقيم في الآخرة.
أما نص الخطبة الثانية،. فجاء فيها أنه قد ظهر جليا مما سبقت الإشارة إليه، أن الإسلام دين الجماعة، وأن الجماعة رحمة، وأن الفرقة عذاب كما روى النعمان بن بشير عن النبي ﷺ أنه قال: “الجماعة رحمة والفُرقَة عذاب”.
ومعنى كون الجماعة رحمة أنها تقوم على قضاء مصالح العباد، بتبادل المنافع وقضاء الحوائج بين الناس؛ إذ لا يستطيع أحد أن يعيش وحده، ويكتفي بنفسه عن الناس، بل جعل الحق سبحانه من سنن الحياة اختلاف الناس في عقولهم ومداركهم ومهنهم ومواهبهم حتى يتسنى لهم التكامل فيما بينهم وليقضي بعضهم حوائج بعض.
فالناس للناس من بدو ومن حضر بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم، ولهذا جاءت الأوامر من الشارع الحكيم بلزوم الجماعة وإمامها كما قال النبي ﷺ لحذيفة بن اليمان رضي الله عنه:”تلزم جماعة المسلمين وإمامهم”.
فهذا الحديث يحث على وجوب لزوم الجماعة، وطاعة إمام المسلمين الذي هو أمير المؤمنين، وجاء في حديث آخر قوله ﷺ: “فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية”.
والمراد بالقاصية في الحديث؛ المخالف المفارق للجماعة، والذئب متعدد الأوجه، قد يكون هوى في النفس، وقد يكون الشيطان الموسوس للنفس تجاه الآخرين، وقد يكون شخصا آخر يكن للجماعة عداوة، فيبحث عن أنصار له في الفساد والتخريب والتشويش وإيقاع الناس في الفتنة.
وعلى هذا جاءت أحاديث أخرى تحذر من مغبة الاختلاف وشق عصا الطاعة، كقول النبي ﷺ: “ولا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا”، وقوله صلى الله عليه وسلم: “وأنا آمركم بخمس، الله أمرني بهن: السمع والطاعة والجهاد والهجرة والجماعة، فإن من فارق الجماعة قيد شبر، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يرجع، ومن ادعى دعوى الجاهلية، فإنه من جثا جهنم”، فقال رجل: يا رسول الله وإن صلى وصام؟ قال: وإن صلى وصام، فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين المؤمنين عباد الله”.
على أن هنالك أمرا يجدر بنا أن نختم به هذه النصيحة في لزوم الجماعة وهو أن ما ينبغي الحرص عليه هو الاجتماع على ثوابت الأمة وعلى كل ما في مصالحها العليا، الأمر الذي يجعل الاختلاف في الاجتهاد مع الوحدة في المقاصد أمرا مقبولا بل واجبا.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X