بعد فضحه لقمع نشطاء جمهورية القبايل.. الجزائر تتهم الاعلام الفرنسي بـ”التآمر”

هبة بريس

أشعل مقال نُشر في مجلة شارلي إيبدو الفرنسية الساخرة موجة غضب في الأوساط الرسمية الجزائرية، بعد أن تناول أوضاع نشطاء منطقة القبائل وتطرق إلى واقع حرية التعبير والثقافة الأمازيغية، متّهماً السلطات الجزائرية بممارسة “القمع”، وذلك في وقت تتصاعد فيه التوترات السياسية والإعلامية بين الجزائر وفرنسا.

حرمان شعب القبايل من حرية التعبير

وقد ضمّ المقال شهادات لمثقفين ونشطاء قبائليين يعيشون في المنفى بفرنسا، والذين عبّروا عن فقدانهم القدرة على الحوار بعد سنوات من التهميش والإقصاء، مؤكدين أن ما يوحّدهم اليوم هو “الرغبة في التعبير والدفاع عن ثقافة باتت تعيش فقط في كلمات من هاجروا بها”.

المجلة وصفت هؤلاء النشطاء بأنهم الوجه الإنساني والثقافي لشعب حُرم من حقه في التعبير، بينما ردّت السلطات الجزائرية باتهامها للمجلة بنشر “دعاية منحازة تخدم أجندة انفصالية معادية للوطن”، لافتة إلى أن غالبية الأسماء الواردة في المقال تنتمي إلى “الماك”، التي تصنّفها الجزائر كـ”منظمة إرهابية”.

كما كشف المقال أن هؤلاء النشطاء، ومن بينهم رسامو كاريكاتير وشعراء ومطربون، يعيشون في ظل تهديدات دائمة وملاحقات قضائية جزائرية تتهمهم بالإرهاب والتحريض على الانفصال، من بينهم الرسام غيلاس عينوش، المحكوم عليه غيابيًا بـ30 عامًا بسبب رسوم اعتبرت مسيئة للرئيس تبون، والشاعر فرحات مهني، المحكوم بالسجن المؤبد.

تدمير بلاد القبايل

الغضب لم يقتصر على الردود الرسمية؛ فقد امتلأت منصات التواصل بتعليقات منددة بتعامل الدولة مع الأمازيغ القبايليين، حيث كتب أحد المستخدمين يُدعى أفراراس على فيسبوك: “شكراً تبون على تدمير بلاد القبايل! حولت أرض الكرامة إلى مقبرة أمل!”، بينما تداول آخرون منشورات تفضح انتهاكات تمس نساء القبائل بسبب لباسهن التقليدي وهويتهن.

وتفاقم الجدل بعد قرار محكمة الاستئناف في باريس رفض تسليم المعارض القبائلي أكسل بلعابسي، المتهم من قبل الجزائر بارتكاب 14 تهمة بعضها قد يؤدي إلى الإعدام، حيث اعتبر محاميه القرار “انتصارًا للعدالة الفرنسية وهزيمة للنظام الجزائري القامع لأبناء القبائل”.

وفي تصعيد آخر، هاجم وزير الاتصال الجزائري محمد مزيان المجلة الفرنسية واتهمها بتأجيج “حملة إعلامية أجنبية تستهدف استقرار البلاد”، مشيرًا إلى تلاحم وسائل الإعلام المحلية في جبهة موحدة للدفاع عن صورة الجزائر.

أزمة عميقة بين الجزائر وفرنسا

هذا التوتر يأتي في إطار أزمة أعمق بين الجزائر وفرنسا، تتخللها مطالب فرنسية متكررة بإلغاء اتفاقية الهجرة الموقعة عام 1968 وترحيل مهاجرين جزائريين، في ظل صعود خطاب يميني فرنسي يربط بين ملف القبائل والمنفى السياسي والانفصال والإرهاب.

وتظل قضية القبائل إحدى أعقد القضايا التي تزيد العلاقات الجزائرية الفرنسية تشابكًا، إذ تتداخل فيها الأبعاد الثقافية والتاريخية والسياسية والمنفوية بشكل يعقّد سبل التفاهم بين البلدين.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى