بسبب صفعة زوما.. جنوب إفريقيا تكشف ولاءها الأعمى لجنرالات الجزائر

هبة بريس

في مشهد يفضح التناقض الفجّ وازدواجية المعايير لدى حكومة جنوب إفريقيا، تقدّمت بريتوريا باحتجاج رسمي إلى المغرب على خلفية رفع العلم الجنوب إفريقي خلال زيارة الرئيس السابق جاكوب زوما إلى الرباط، فقط لأنه أعلن دعمه الصريح والمباشر لمبادرة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء.

استغلال النظام الجزائري للعلم الجنوب إفريقي

وزارة العلاقات الدولية والتعاون الجنوب إفريقية أصدرت بياناً غاضباً وصفت فيه رفع العلم بـ”الخرق للأعراف الدبلوماسية”، متجاهلة تماماً أن زوما لا يشغل أي منصب رسمي في الوقت الحالي. غير أن جوهر الاعتراض لا يتعلق بالعلم نفسه، بل بموقف زوما الذي كسر جدار الصمت الذي يبنيه حزب “المؤتمر الوطني الإفريقي” بتواطؤ مع جنرالات الجزائر، عبر تبنيه موقفاً واقعياً ومنسجماً مع التوجه الدولي المتزايد الداعم لمقترح الحكم الذاتي.

والسؤال الذي يفرض نفسه: أين كانت هذه “الغيرة المفاجئة” على الرموز الوطنية، حين رفع النظام الجزائري العلم الجنوب إفريقي في حفل افتتاح ملعب نيلسون مانديلا؟ وأين كانت وزارة خارجية بريتوريا حين صعد حفيد مانديلا منصة الخطابة ليهاجم المغرب علناً، وكأنه ناطق رسمي باسم مليشيات البوليساريو؟ هل كان ذلك احتراماً للأعراف الدبلوماسية، أم تجسيداً للعلاقات المشبوهة بين النظام العسكري الجزائري وحكومة رامافوزا؟

للأسف، تحولت جنوب إفريقيا من دولة نضال ضد الفصل العنصري إلى أداة طيعة في يد نظام الكابرانات بالجزائر، حيث باتت رموزها التاريخية تُستغل في تسويق أطروحات انفصالية متهالكة، لا تخدم سوى أجندات تفكيك الدول الإفريقية وضرب وحدتها الترابية.

افتعال معركة عبثية ضد المغرب

جاكوب زوما، الذي سبق أن قاد بلاده، لم يأتِ إلى المغرب مهاجماً الجزائر أو مشككاً في سيادة أي دولة، بل جاء ليعبّر عن قناعة سياسية راسخة مفادها أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل العملي والوحيد القابل للتطبيق، وهو موقف باتت تتبناه قوى دولية كبرى مثل الولايات المتحدة، فرنسا، إسبانيا، والمملكة المتحدة، ضمن موجة عالمية تدعم المبادرة المغربية كخيار جدي لإنهاء نزاع مصطنع عمّر طويلاً.

أما حزب “المؤتمر الوطني الإفريقي”، الذي اختار مهاجمة زيارة زوما ووصفها بـ”تقويض للسيادة الوطنية”، فإنه بدلاً من مواجهة أزماته الداخلية من فساد، وبطالة، وتراجع اقتصادي خانق، قرر افتعال معركة عبثية ضد المغرب، فقط لأنه يرفض تصديق خرافة “تقرير مصير شعب” لا وجود له إلا في أوهام جنرالات مأزومين يخشون أي تسوية قد تفضي إلى نهاية نظامهم.

والأدهى من ذلك، أن هذا الحزب بات يتعامل مع العلم الجنوب إفريقي وكأنه شعار حزبي خاص، لا رمزاً لجميع أبناء الوطن، وهو ما أثار غضب عدد من المواطنين الجنوب إفريقيين على منصة “إكس”، حيث اعتبروا استغلال العلم في تصفية الحسابات السياسية أمراً مرفوضاً يمس بمكانته كرمز وطني جامع.

تحالف ضيق مع نظام العسكر القمعي

لقد كانت جنوب إفريقيا، ذات يوم، نموذجاً نضالياً ضد التمييز العنصري، لكنها اليوم تسير في طريق التبعية الإقليمية، متورطة في تحالفات ضيقة مع أنظمة قمعية كنظام العسكر في الجزائر، الذي لا يرى في قضية الصحراء سوى أداة لتغذية العداء للمغرب وعرقلة وحدة وتكامل القارة الإفريقية.

المغرب لم يصادر العلم الجنوب إفريقي، ولم يسيء إليه، بل استقبل شخصية حرة لها الحق في التعبير عن رأيها. والضجيج الذي أثارته بريتوريا ليس سوى محاولة يائسة لحماية سردية مهترئة بُنيت على أساس باطل، وكل سردية كهذه مصيرها الانهيار.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى