إيران ترفع “الراية الحمراء” مجددا.. هل هي دعوة للثأر أم الانهزام المتكرر ؟؟؟

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

أعادت إيران اليوم (الجمعة) رفع “الراية الحمراء” فوق قبة مسجد جمكران بمدينة قم، عقب سلسلة من الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت منشآت نووية ومواقع عسكرية حساسة، وأسفرت عن مقتل كبار القادة العسكريين، وعلى رأسهم قائد الحرس الثوري حسين سلامي، ورئيس الأركان العامة محمد باقري، إضافة إلى قائد الوحدة الصاروخية أمير علي حاجي زاده، وقائد غرفة العمليات غلام علي رشيد.

– دلالة الراية الحمراء

رفع الراية الحمراء لم يكن مجرد ردة فعل رمزية، بل يُعد إعلاناً صريحاً بالغضب والاستعداد للثأر، في الثقافة الإيرانية، تُرفع هذه الراية – المعروفة باسم “علم الثأر” – تقليدياً فوق الأماكن التي تعرضت لظلم أو فقدت شخصية عزيزة دون أن يُقتص لدمها، وتُعد الراية بمثابة نداء مفتوح للانتقام، ولا تُنزل حتى يُؤخذ بالثأر، كما هو الحال في التراث الشيعي المستند إلى واقعة كربلاء ومقتل الإمام الحسين.

وعلى الراية، يُكتب غالباً “يا لثارات الحسين”، وهي عبارة تُستخدم في السياقات المعاصرة للتعبير عن الاستعداد للرد على الهجمات الاسرائلية لأنهم ارتكبوا مظالم بحق رموز دينية أو سياسية أو حلفاء إستراتيجيين لإيران.

– رمزية اللون الأحمر في الهوية السياسية الإيرانية

اللون الأحمر، أحد ألوان العلم الإيراني، يجسد في هذه الحالة مفهوماً مركباً من الشجاعة، الغضب، والدم، ويُمثل استعداداً للتضحية في سبيل “الحق” كما تراه إيران، ويكمل بذلك الثالوث الرمزي الذي يشمل الأخضر (الإسلام) والأبيض (السلام)، في تكوين رؤية سياسية تستند إلى الدم والشهادة.

– الراية الحمراء بين 2020 و2025: ذاكرة مستمرة من الاغتيالات

رفعت إيران الراية الحمراء سابقاً في يناير 2020، عقب اغتيال قاسم سليماني، قائد “فيلق القدس”، في غارة أميركية قرب مطار بغداد، حينها، رُفعت الراية على مسجد جمكران ومقام الإمام المهدي في قم، ولم تُنزل حتى شنت إيران ضربات صاروخية على قواعد أميركية في العراق.

لكن قائمة الاغتيالات التي دفعت طهران لقرع أجراس الثأر طويلة ومتجددة، إذ شهدت السنوات الأخيرة عدداً من العمليات التي طالت شخصيات مركزية في المشروع الإقليمي الإيراني:

•قاسم سليماني (2020): مهندس النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.

* محسن فخري زاده (2020): أبرز العلماء في البرنامج النووي، اغتيل قرب طهران.
* حسن صياد خدائي (2022): أحد ضباط “فيلق القدس”، قُتل بإطلاق نار في طهران.

* أبو مهدي المهندس (2020): نائب رئيس “الحشد الشعبي” العراقي، قتل مع سليماني.

* مجتبى أليمي (2023): ضابط بارز في وحدة العمليات الخارجية للحرس الثوري، استُهدف في سوريا.
* إسماعيل هنية (2025): رئيس المكتب السياسي لحماس، أول شخصية فلسطينية يتم اغتيالها داخل إيران.

رسائل نارية من خامنئي: “الانتقام واجب شرعي”

في أول تعليق له بعد العملية، قال المرشد الإيراني علي خامنئي إن “النظام الاسرائيلي تسبب في استشهاد عدد من القيادات كما اشار إلى واقعة تصفية إسماعيل هنية، مضيفاً أن “الرد قادم وقاسٍ، ومن واجب إيران أن تنتقم”، تصريحات خامنئي جاءت مترافقة مع إعلان “الحداد العسكري”، وبدء اجتماعات طارئة لمجلس الأمن القومي الإيراني.

– الراية الحمراء: عنوان لمرحلة جديدة

بإعادة رفع “الراية الحمراء”، تعلن إيران فعلياً أن معادلة الصراع قد دخلت طوراً أكثر حدة. لا تنفصل هذه الخطوة عن تاريخ إيراني طويل من توظيف الرموز الدينية في الصراعات السياسية والعسكرية، لكنها اليوم تأخذ بُعداً غير مسبوق مع انتقال الحرب إلى عمق الأراضي الإيرانية واستهداف أبرز قادتها وحلفائها الإقليميين في وقت واحد.

ومع ذلك، يبقى السؤال معلقاً: هل تملك إيران الإرادة والقدرة على الرد بالشكل الذي توحي به الراية الحمراء؟ أم أن المشهد سيتحول إلى فصل جديد من الحرب بالوكالة وتبادل الرسائل عبر الحدود؟.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى