
أستاذ اشترى كُتبا مدرسية لتلميذه.. بعد 22 عاما أهداه عُمرة
محمد منفلوطي – هبة بريس
هي قصة مؤثرة تحمل في طياتها العديد من الدلالات والعبر، مفادها وبالعامية “أن الخير عقبة طويلة، ودير الخير وانساه، غادي يجي اليوم لي تلقاه”.
قصة اليوم ونحن نعيش أجواء الدخول المدرسي بتكاليفه الباهظة، خرج شاب في مقطع مصور على مواقع التواصل الاجتماعي، ليعلن أمام الجميع وبوجه مكشوف قصته مع أستاذه الذي اشترى له كتبا مدرسية بعد أن كان الأخير يعيش فقرا وقهرا.
نعم، هي قصة تعود تفاصيلها لما يقارب 22 عاما، حينها كان الشاب المغربي تلميذا لم يتجاوز الحادي عشرة ربيعا، جاء المدرسة بلا كتب ولا أدوات مدرسية، كان بين أقرانه يقف والدموع في عينيه من شدة الاحراج، سارع أستاذه لحظتها إلى اتخاذ خطوة نبيلة انسانية ظلت نقوشها محفورة في ذهن الشاب لأعوام، بل وكانت سببا مباشرا في استئنافه لدراسته دون هدره للزمن المدرسي ودون مغادرته لكرسي المدرسة.
وقف الأستاذ شامخا شموخ الرجال، ليهرع إلى تمكين تلميذه من جميع كتبه المدرسية ووضعها في كيس بلاستيكي أزرق، وحتى لا يسبب له الاحراج أمام أقرانه، طلب منه المغادرة خلسة والعودة والكتب في محفظته دون كيسه البلاستيكي..
هكذا كان، وهكذا عاد التلميذ في اليوم الموالي متأبطا محفظته بكتبها المدرسية، وبين أقرانه واصل مشواره الدراسي، وكأن شيئا لم يكن…
مرت الأيام والسنون، وظل الموقف النبيل راسخا في ذهن التلميذ، مرت الأيام والسنوات تجري، تغيرت ملامح الطرفين، الأستاذ اعتلى كرسي الشرف تقاعدا بنظاراته، ونظراته الأبوية الشاهدة على نبل رسالته التعليمية، في حين التلميذ أصبح شابا واشتد عوده وتحقق مراده…
في اتفاق مع أفراد عائلته ذات يوم، جاء اليوم الموعود، وجاء يوم رد الاعتبار، حينها جلس الجميع وأمام الأستاذ للنبش في الذاكرة..
الشاب يحصي الأعمال والمواقف وعمق الرسالة وأصل الحكاية، والأستاذ مطأطئا رأسه يستمع وبالكاد يعيد عقارب ذاكرته إلى الوراء..
طال الحديث بينهما وأمام الجميع، أسر الشاب حديثا لأستاذه، بأن موعد المكافأة على عمله النبيل هذا الذي مضت عليه حوالي 22 سنة، قد حان، وأنه سيقدم له مفاجأة سارة لعلها تفيه حقه..
هي عمرة لزيارة الديار المقدسة، منحها الشاب لأستاذه، الذي انهمرت عيناه دموعا تسقي خذيه الشاحبين، وتروي حنين الأيام العطشى الحبلى بالذكريات الجميلة، ذكريات الفصل الدراسي…
هي قصة مؤثرة تختزل تلك العلاقة التي تربط التلميذ بأستاذه والتي قد تصل إلى حد الأبوة..
هي قصة متميزة تختزل دروسا وعبرا، مفادها أن ذاكرة التلاميذ الصغار قوية ولها القدرة على تخزين أكبر قدر ممكن من المعلومات والذكريات والحكايات والمواقف…
هي قصة واقعية ورسالة إلى كل أستاذ وأستاذة وإطار إداري أن يحسن التصرف مع الصغار على مقاعد الدراسة، يمسح دموعهم يسارع إلى قضاء مآربهم، يكسي أجسادهم النحيفة ويلبس أقدامهم الحافية إن كانوا كذلك…
فما يدري المرء أن تدور الدوائر، ويجازى عن عمله هذا خير الجزاء تكريما وتشريفا وتعظيما…
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X